"واشنطن بوست": إدارة ترامب تحبط جهود إصلاح أجور ذوي الإعاقة وتُبقي على التمييز
"واشنطن بوست": إدارة ترامب تحبط جهود إصلاح أجور ذوي الإعاقة وتُبقي على التمييز
أعلنت وزارة العمل في إدارة الرئيس دونالد ترامب عن قرارها بسحب قاعدة مقترحة كانت ستلغي برنامجًا طويل الأمد يسمح بدفع أجور أقل من الحد الأدنى للعمال ذوي الإعاقة.
ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، اليوم السبت، جاء هذا القرار ليُنهي جهودًا بدأت خلال إدارة الرئيس جو بايدن بهدف إصلاح منظومة الأجور التمييزية وضمان المساواة في العمل للأشخاص ذوي الإعاقة.
واقترحت إدارة بايدن في ديسمبر 2023 قاعدة جديدة تنهي إصدار شهادات جديدة بموجب المادة 14 (ج) من قانون معايير العمل العادلة لعام 1938، وهي الشهادات التي تتيح لأصحاب العمل دفع أجور تقل عن الحد الأدنى القانوني للعاملين من ذوي الإعاقة، نصّت القاعدة المقترحة كذلك على ضرورة إنهاء العمل بجميع الشهادات الحالية في غضون ثلاث سنوات.
وأتاحت الإدارة للجمهور فترة مفتوحة حتى يناير 2024 لتقديم تعليقاتهم على هذه القاعدة، وبعد انتهاء تلك الفترة، كان على وزارة العمل أن تقرر ما إذا كانت ستُبقي القاعدة المقترحة قيد التنفيذ، ولكن قررت إدارة ترامب سحب القاعدة بالكامل.
استمرار سياسات الفصل
صرحت وزارة العمل بأن قرارها يستند إلى مخاوف تتعلق بتأثير إلغاء خيارات المادة 14 (ج) على الأفراد ذوي الإعاقات الكبيرة، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى "بطالة أو نقص في فرص العمل أو فقدان الخدمات المساعدة"، وأشارت الوزارة كذلك إلى شكوكها في أن السلطة التنفيذية تملك الصلاحية القانونية لإنهاء البرنامج "من جانب واحد وبشكل دائم".
وطرح هذا القرار مجددًا التساؤل حول الجهة الحكومية التي تملك السلطة النهائية لإنهاء العمل بهذا البرنامج، فعلى الرغم من أن وزير العمل السابق في إدارة بايدن، مارتي والش، قال إن الكونغرس هو الجهة المخوّلة بإلغاء المادة.
وعبّرت القائمة بأعمال وزيرة العمل، جولي سو، عن اعتقادها بأن الوزارة تملك السلطة القانونية لإجراء مثل هذا التغيير دون الحاجة إلى تشريع جديد.
أقل من دولار في الساعة
أفادت بيانات وزارة العمل أن ما لا يقل عن 679 صاحب عمل في الولايات المتحدة يستخدمون شهادات المادة 14 (ج) لدفع أجور تقل عن الحد الأدنى لما يقرب من 35 ألف عامل من ذوي الإعاقة، وذلك حتى الأول من يوليو.
ويعمل هؤلاء غالبًا في ما يُعرف بـ"الورش المحمية"، وهي منشآت تفصل العاملين من ذوي الإعاقة عن غيرهم وتقدّم لهم إشرافًا إضافيًا، لكنها في الوقت ذاته تُبقيهم خارج سوق العمل التنافسي.
ويسمح قانون معايير العمل الفيدرالي بتحديد أجور هؤلاء العمال وفقًا لـ"إنتاجيتهم" بالمقارنة مع زملائهم من غير ذوي الإعاقة، وبينما يبلغ الحد الأدنى الفيدرالي للأجور 7.25 دولارًا في الساعة، كشفت "واشنطن بوست" في تحقيق استقصائي نُشر العام الماضي أن بعض العاملين يتقاضون أجورًا منخفضة للغاية قد تصل إلى 25 سنتًا فقط في الساعة.
وكشف التحقيق ذاته أن ما يقرب من ثلث أصحاب العمل المصرّح لهم بموجب المادة 14 (ج) لم يلتزموا بدفع الأجور المستحقة للعمال بشكل قانوني.
انتقادات حقوقية
أيّد عدد من أصحاب العمل وبعض مقدمي الخدمات برنامج المادة 14(ج)، معتبرين أنه يوفر فرصًا عمل واقعية للأشخاص الذين يجدون صعوبة في الحصول على وظيفة في السوق المفتوح، في المقابل، وصف نقاد هذا البرنامج بأنه يهين كرامة العاملين ويكرّس الفصل والتهميش تحت غطاء الرعاية.
وألزمت الحكومة الفيدرالية برامج المادة 14 (ج) قانونًا بتأهيل العمال للانتقال لاحقًا إلى وظائف تنافسية ذات أجور عادلة، غير أن "واشنطن بوست" كشفت في تحقيقها أن 0.5% فقط من المستفيدين التحقوا بخدمات إعادة التأهيل المهني، وهي الخطوة الرئيسية نحو الدمج في سوق العمل.
وأشار تحليل صادر عن مكتب المحاسبة الحكومية في عام 2021 إلى أن نسبة انتقال العمال ذوي الإعاقة من هذه البرامج إلى وظائف تنافسية لم تتجاوز 2%.
ودافع عدد من المشرّعين الجمهوريين عن الإبقاء على برامج المادة 14(ج)، من بينهم النائب الجمهوري عن ولاية ويسكونسن، غلين غروتمان، الذي قدّم مشروع قانون في ديسمبر 2023 لوقف تنفيذ قاعدة إدارة بايدن.
برّر غروتمان موقفه بالإشارة إلى مرافق مثل "ثريشولد" في ويسكونسن، والتي قال إنها توفر "عملًا هادفًا وتواصلًا اجتماعيًا" لمن قد تمنعهم إعاقتهم من المشاركة في سوق العمل المفتوح.
وقال غروتمان: "هناك أشخاص يتمتعون بقدرات مختلفة، ولديهم أشياء رائعة ليقدموها للعالم، هؤلاء يحبون عملهم ويحبون زملاءهم، ويجب علينا احترام خياراتهم".
معاناة وظروف عمل مروعة
في المقابل، عبّر عدد من العاملين في هذه البرامج عن معاناتهم الشخصية، تحدثت الناشطة ليز وينتراوب، وهي اختصاصية أولى في مجال المناصرة في "جمعية المراكز الجامعية للإعاقة (AUCD)"، عن تجربتها السابقة ضمن برامج المادة 14 (ج).
وأوضحت أنها عملت في وظائف وُصفت بأنها "مروعة"، شملت دفيئة ومكتبًا ومرفقًا لتغليف الصحف، ووصفت تلك الفترة قائلة: "كنت أخشى الذهاب إلى العمل في جميع الأوقات تقريبًا".
وتعمل وينتراوب الآن مدافعةً عن حقوق ذوي الإعاقة في الجامعة الأمريكية، وتُشارك في لقاءات مع أعضاء الكونغرس، وتُدير سلسلة منشورات توعوية عبر منصة إنستغرام حول السياسات المتعلقة بالإعاقة، أكدت قائلة: "في 90% من الوقت، أشعر بفخر كبير لأنني أعمل في وظيفة توفر لي الكرامة والمعنى".
ورغم أن الحكومة الفيدرالية قررت سحب القاعدة، بدأت بعض الولايات اتخاذ خطوات مستقلة لإنهاء برامج الأجور دون الحد الأدنى، ووفقًا لتقرير صادر عن مكتب المحاسبة العامة، ألغت 16 ولاية هذه البرامج حتى يناير 2024، استندت هذه القرارات إلى مبررات تتعلق بالمساواة في الأجور وضرورة إدماج ذوي الإعاقة في بيئات العمل الشاملة.